بين الردع والرحمة: هل تعود عقوبة الإعدام لضبط الجريمة في لبنان؟

بين الردع والرحمة: هل تعود عقوبة الإعدام لضبط الجريمة في لبنان؟

في ظل تصاعد الجرائم في لبنان، من قتل عمد وخطف واعتداءات مروّعة، يتساءل كثيرون: هل بات من الضروري إعادة تفعيل عقوبة الإعدام لضبط الفوضى؟ وهل يشكّل هذا الإجراء حلاً قانونياً رادعاً أم انتكاسة حقوقية في بلد يسعى للانضمام إلى المنظومة الحقوقية الدولية؟
الإعدام في القانون اللبناني: نص موجود وتنفيذ مجمّد.

ينص قانون العقوبات اللبناني على عقوبة الإعدام في حالات محددة، أبرزها القتل العمد، الإرهاب، التجسس، والجرائم التي تنطوي على تعذيب وحشية.
لكن منذ عام 2004، لم تُنفذ أي عملية إعدام، ما يجعل لبنان فعلياً في حالة “تجميد للتنفيذ”، رغم أن النصوص لا تزال قائمة.
وفي عام 2020، صوّت لبنان لصالح قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بوقف تنفيذ الإعدام، ما يعكس توجهاً رسمياً نحو الإلغاء التدريجي.

هل الإعدام يردع فعلاً؟
المؤيدون يرون أن الإعدام يشكّل رادعاً نفسياً قوياً، خصوصاً في الجرائم التي تهدد الأمن العام وتثير الرأي العام.
لكن دراسات حقوقية دولية تشير إلى أن الإعدام لا يخفض فعلياً معدلات الجريمة، بل قد يفاقمها عبر تغذية ثقافة العنف والانتقام.
كما أن النظام القضائي اللبناني يعاني من ثغرات في التحقيق والمحاكمة، ما يثير مخاوف من إصدار أحكام خاطئة لا رجعة فيها.

بين الردع والإصلاح: ما البديل؟
الحل لا يكمن فقط في العقوبة، بل في إصلاح شامل للمنظومة الأمنية والقضائية، وضمان سرعة وشفافية المحاكمات.
يقترح بعض القانونيين استبدال الإعدام بالسجن المؤبد، مع تعزيز آليات الردع القضائي، وتفعيل العقوبات البديلة التي تحقّق العدالة دون المساس بالحق في الحياة.
في بلدٍ يعاني من اهتزاز الثقة بالقضاء وتفشي الجريمة، يبقى السؤال مفتوحاً:
هل نحتاج إلى الإعدام لضبط الجريمة، أم إلى عدالة لا تخطئ؟
هل الردع بالموت هو الحل، أم أن العدالة تبدأ من إصلاح ما هو أعمق؟

المحامي كميل حبيب معلوف
بيروت في ٢٠٢٥/١٠/٣١